حادث جديد يسلط الضوء على تردي وضع الطيران العسكري الجزائري، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، اليوم الأربعاء 19 مارس 2025، عن تحطم طائرة مقاتلة تابعة للجيش في ولاية أدرار جنوب غربي البلاد، ما أدى إلى مقتل قائدها. الحادث الذي وقع خلال مهمة تدريبية مبرمجة، يضاف إلى سلسلة من الكوارث الجوية التي أصبحت سمة مميزة لأسطول « الخردة » الجزائري، رغم المليارات التي يزعم النظام إنفاقها على الجيش.
ميزانية ضخمة.. وواقع متردّ
على الرغم من تخصيص النظام الجزائري 25 مليار دولار كميزانية للجيش لعام 2025، فإن الطيران العسكري الجزائري لا يزال يعاني من كوارث متكررة ناجمة عن استخدام طائرات متهالكة، وضعف الصيانة، ونقص الكفاءة لدى الطيارين والتقنيين.
هذه العوامل تجعل الطائرات العسكرية الجزائرية أشبه بقنابل موقوتة تهدد أرواح العسكريين، فيما تُوجَّه الأموال إلى المصالح الشخصية للجنرالات بدلا من تحديث المعدات وضمان سلامة الجنود.
سجل أسود من الحوادث
تحطم الطائرات العسكرية أصبح من أبرز أسباب الوفيات في صفوف الجيش الجزائري. ويُعدُّ حادث سقوط طائرة « إليوشين 76-II » الروسية الصنع عام 2018، الأكثر دموية، حيث لقي 257 شخصا حتفهم بعد دقائق من إقلاعها من قاعدة بوفاريك الجوية، وكان من بين الضحايا العديد من عناصر ميليشيا البوليساريو.
وفي عام 2014، شهدت الجزائر حادثين مروعين، حيث قُتل 77 عسكريا إثر تحطم طائرة نقل عسكرية شرقي البلاد، بينما تحطمت طائرة سوخوي 24 في أكتوبر من العام نفسه، لتُحصد أرواح طياريها. وتوالت الحوادث بعد ذلك، إذ سقطت طائرة من طراز ميغ 29 في نوفمبر 2014 خلال تدريب جوي.
كوارث المروحيات
لم تقتصر كوارث الطيران العسكري على الطائرات المقاتلة، بل طالت المروحيات أيضا. ففي مارس 2016، فقد الجيش الجزائري 12 جنديا إثر تحطم مروحية إم آي-171 أثناء مهمة استطلاعية بالقرب من رقان. كما تسبب تحطم مروحيتين عسكريتين في ماي ويونيو 2017 في مقتل خمسة أشخاص، بينما لقي ثلاثة جنود مصرعهم في دجنبر 2020 بعد سقوط مروحية تابعة للقوات البحرية الجزائرية قبالة سواحل بوهارون بولاية تيبازة.
إصلاحات شكلية وتحقيقات صورية
بعد كل حادث، تتكرر نفس السيناريوهات: فتح تحقيق بأمر من الفريق أول السعيد شنقريحة، ثم اختفاء القضية عن الأنظار دون محاسبة حقيقية.
هذه التحقيقات الشكلية تعكس سياسة الإفلات من العقاب داخل المؤسسة العسكرية، حيث يتم التستر على الإهمال والفساد المستشري بين كبار القادة.
الفساد ينخر الجيش
بينما يعاني الطيران العسكري الجزائري من أزمة مميتة، تستمر النخبة العسكرية في تبديد الميزانيات الضخمة على حساب تحديث الأسطول وتحسين ظروف الجيش. استيراد معدات عسكرية قديمة بأسعار مبالغ فيها، وغياب برامج صيانة فعالة، وافتقار الطيارين للتدريب الكافي، كلها عوامل تجعل من الجيش الجزائري قوة مشلولة أمام المخاطر الحقيقية.
وفي ظل هاته الوضعية، إلى متى ستستمر هذه المآسي في حصد أرواح الجنود الأبرياء؟ ومتى ستوجه الأموال العامة نحو تحديث الجيش بدلا من إثراء حفنة من الجنرالات؟ إلى حين إيجاد إجابات حقيقية لهذه الأسئلة، ستظل الطائرات العسكرية الجزائرية تُحلّق في سماء الخطر، وتهوي نحو كوارث جديدة. عن موقع le360