الحسين منصوري

في خطوة تعكس تحولاً دبلوماسياً بارزاً في المنطقة، رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مقترح نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بعقد لقاء مع زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على هامش المعرض التجاري الإفريقي المنعقد بالجزائر. وبحسب مصادر مطلعة، أبدى الرئيس الموريتاني تحفظاً واضحاً على هذا الطلب، وهو ما شكل إحراجاً دبلوماسياً للجزائر التي تعتبر جبهة البوليساريو إحدى أدواتها في إدارة ملف الصحراء.

وخلال الجلسة الافتتاحية للمعرض، برزت إشارات سياسية قوية من الرئيس الموريتاني، الذي تجنب مصافحة غالي أو الظهور معه في صور رسمية، في رسالة تعكس برودة العلاقات بين نواكشوط وجبهة البوليساريو، ورفض موريتانيا الانخراط في أجندات إقليمية قد تمس بمصالحها الوطنية.

ويأتي هذا الموقف في سياق إقليمي متسارع، حيث تعمل موريتانيا على تعزيز علاقاتها مع المغرب، مع تشديد موقفها تجاه أي تحركات لجبهة البوليساريو على أراضيها. ويتجلى ذلك في قرارها إغلاق معبر «لبريكة» الحدودي مع الجزائر، الذي كان يُستغل في أنشطة غير مشروعة، وهو الإجراء الذي اتخذته القوات المسلحة الموريتانية في ماي 2025، واستمر تنفيذه رغم الضغوط الجزائرية ومساعي قيادة البوليساريو للتراجع عنه.

وتؤكد هذه التطورات حرص موريتانيا على حماية أمنها القومي واستقرار حدودها، ورفضها أن تتحول أراضيها إلى ساحة لتصفية نزاعات إقليمية. كما تعكس إرادة سياسية واضحة في تجنيب البلاد أي تورط في صراعات لا تخدم مصالح الشعب الموريتاني ولا استقرار منطقة الساحل.

في المحصلة، يبرز الموقف الموريتاني بقيادة الرئيس ولد الشيخ الغزواني كخيار استراتيجي قائم على التوازن والواقعية، يعكس تمسك نواكشوط باستقلالية قرارها الدبلوماسي، ورغبتها في لعب دور هادئ وبنّاء داخل الفضاء المغاربي والإفريقي.