البناء العشوائي تعود بصيغ جديدة: التوسع غير القانوني يهدد هوية النسيج الحضري رغم جهود القضاء على الصفيح

مدير الموقع7 يوليو 2025آخر تحديث :
البناء العشوائي تعود بصيغ جديدة: التوسع غير القانوني يهدد هوية النسيج الحضري رغم جهود القضاء على الصفيح

منذ إعلان جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده سنة 2004 عن البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح”، الذي هدف إلى القضاء على السكن غير اللائق وتحسين ظروف العيش لآلاف الأسر المغربية، تمكنت المملكة من تحقيق تقدم كبير، حيث جرى إعلان 60 مدينة مغربية كـ”مدن بدون صفيح”، في خطوة غير مسبوقة نحو تعزيز كرامة المواطنين وتحقيق عدالة مجالية عمرانية.
غير أن هذه النجاحات قابلها تحدٍّ جديد، يتمثل في عودة مظاهر العشوائية، ولكن هذه المرة في شكل بناء غير مرخّص بدواوير وأطراف المدن الجديدة، خاصة تلك المحاذية للتوسعات الحضرية الحديثة. فقد انتقلت الظاهرة من الأحياء الصفيحية إلى مجالات ترابية هامشية، تُستغل فيها ثغرات قانونية وإدارية لتمرير بنايات غير قانونية، غالباً ما تفتقر إلى أدنى شروط السلامة والمعايير العمرانية.

سُكّانٌ بلا تراخيص، ومساكن في العراء القانوني
في عدة نواحي حضرية مثل ضواحي الرباط، مراكش، الدار البيضاء، فاس، وتمارة، سجل المجتمع المدني وفعاليات حقوقية تنامي بناء مساكن فردية وعشوائيات إسمنتية فوق أراضٍ فلاحية أو جماعية، في غياب تصاميم تهيئة أو تراخيص بناء قانونية. وتُقام هذه البنايات غالباً خارج المراقبة الميدانية أو بتواطؤ من بعض الجهات، مما يطرح علامات استفهام حول دور لجان المراقبة والتتبع.
إخلال بحق المواطنين في السكن اللائق
ترى جمعيات حقوقية أن استمرار هذه الممارسات يضر بمصداقية البرامج الوطنية للسكن، ويخلق تفاوتاً في ولوج المواطنين إلى حقهم الدستوري في سكن لائق، ويُسهم في تكريس العشوائية بدل معالجتها. كما تنبّه إلى الخطر البيئي والعمراني الذي قد ينجم عن انتشار أحياء غير مهيكلة تفتقر إلى البنيات الأساسية، كالماء، الكهرباء، الصرف الصحي، والطرقات.
المسؤولية الإدارية والمجتمعية
وفي ظل هذا الوضع، تتعالى أصوات المجتمع المدني المطالبة بفتح تحقيقات إدارية نزيهة لتحديد المسؤوليات، خاصة في ظل وجود دلائل على تقصير أو تواطؤ بعض المسؤولين المحليين أو أعوان السلطة، الذين قد يكونون قد غضّوا الطرف عن مثل هذه الخروقات مقابل منافع شخصية أو انتخابية.
كما أن منظمات حقوقية، تدعو إلى ضرورة تفعيل المساطر القانونية وتوقيف زحف البناء العشوائي، عبر مقاربة تشاركية تراعي حقوق الساكنة في إطار القانون، دون الإخلال بالتخطيط الحضري السليم.

خاتمة: رؤية ملكية تواجه تحديات محلية
إن نجاح مبادرة “مدن بدون صفيح” لا ينبغي أن يُجهض بسبب غياب اليقظة الترابية، أو التساهل مع من يستغلون هشاشة القانون. فالتوجيهات الملكية السامية واضحة في هذا الشأن، والمطلوب اليوم هو تعبئة كافة المؤسسات الترابية والإدارية، وتفعيل دور المراقبة والتوعية، حتى لا تتحول المدن الجديدة إلى امتدادات غير مهيكلة تعيد إنتاج الهشاشة والعزلة الاجتماعية في قوالب إسمنتية.
> مطلب المرحلة: إعادة ضبط سياسات التعمير وضمان عدالة عمرانية شاملة، تنطلق من روح المبادرة الملكية، وتحمي مستقبل مدننا وحقوق مواطنينا.

الاخبار العاجلة