في سياق التحولات العميقة التي تشهدها المملكة المغربية تحت القيادة المتبصّرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتماشياً مع متطلبات المرحلة الراهنة التي تستدعي تعزيز أسس الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، تتعالى نداءات المواطنات والمواطنين من مختلف جهات الوطن، مطالبة بتدخل ملكي عاجل لتصحيح مسار الممارسة السياسية، وعزل كل من ثبت تورطه في خروقات أو ممارسات تتنافى مع المبادئ الدستورية والأخلاقية.

وقد عبّر عدد من النشطاء الحقوقيين وفاعلي المجتمع المدني، في تصريحات متفرقة، عن بالغ قلقهم إزاء استمرار حضور بعض الوجوه السياسية التي تحوم حولها شبهات فساد إداري ومالي، دون أن تطالها يد المساءلة أو الإجراءات الزجرية، ما يشكل -حسب تعبيرهم- تهديداً حقيقياً لمصداقية المؤسسات وضرباً لركائز دولة الحق والقانون.

وأكد هؤلاء الفاعلون أن استمرار هذه الوضعية من شأنه أن يُفرغ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من محتواه، ويقوّض ما راكمته المملكة من مكتسبات ديمقراطية منذ إقرار دستور 2011، الذي أرسى مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة في تدبير الشأن العام.

وفي هذا الإطار، يوجّه المواطنون نداءً صادقاً إلى جلالة الملك، باعتباره الضامن الأسمى لحقوق المواطنين وحامي الدستور، من أجل إصدار توجيهات سامية تقضي بعزل كل من ثبت تورطه في خروقات أو ممارسات غير قانونية، أيّاً كانت صفته، صيانةً لهيبة الدولة ومكانة مؤسساتها داخلياً وخارجياً.

كما يدعو المتتبعون إلى تفعيل صارم لآليات الرقابة والمحاسبة، وتعزيز دور المفتشيات العامة والتقارير الرقابية، وربط خلاصاتها بتدابير عملية تكرّس مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتعيد الثقة للمواطن في المؤسسات، وفي قدرة الدولة على تنزيل النموذج التنموي الجديد على أسس الكفاءة والالتزام بخدمة الصالح العام.

إن المملكة، وهي تمضي قُدُماً في مسارها التنموي، لا يمكن أن تبلغ طموحاتها الكبرى إلا برجال ونساء يتحلون بالنزاهة والاستقامة، ويجعلون من المسؤولية تكليفاً وطنياً لا امتيازاً سياسياً، وهو ما يعكس جوهر هذا النداء الشعبي المسؤول، المطالب بإعمال القانون في إطار دولة المؤسسات وسيادة العدالة.