عاد “صراع الأعيان” لينشب من جديد بين أعيان الصحراء في العيون، بعدما قرر الاستقلالي حمدي ولد الرشيد الترشح لانتخابات شتنبر 2021، فيما سيقود محمد سالم الجماني “الجرار” باسم الأصالة والمعاصرة، فيما قرر الشاب محمد الرزمة تغير جلده السياسي منتفضا في وجه أخنوش، ليترشح باسم “الوردة” ممثلا للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
حمدي ولد الرشيد “ملك الصحراء”
انطلق مسار حمدي ولد الرشيد الذي نهل قسمات من والده (رجل سلطة) عام 2003 في الانتخابات الجماعية، وقبلها في عام 2001 حينما ترشح باسم حزب الاستقلال وانتخب برلمانيا عنه، بعدكما كان أخوه خليهن ولد الرشيد قد عبد له الطريق، وهو الذي قاد تدبير الشأن المحلي في العيون منذ 1983 إلى انتخابات 2003، وشغل حينها حمدي نائبا لأخيه خليهن، ليظفر حينها عام 2009 برئاسة جماعة العيون التي ظل يتربع على عرشها إلى اليوم، مما أكسبه لقب “ملك الصحراء” كما يسميه سكان المدينة.
وصار الاستقلالي حمدي ولد الرشيد رجلا سياسيا نافذا، فاكتسح عددا من الجماعات الترابية والجهة والغرف والبرلمان، فهو من يسير ويتحكم ويستحوذ على جميع المقاعد والمناصب المهمة التي وضع فيها إبنه واقربائه ومقربون منه، ووبحكم منصبه كمنسق لحزب الاستقلال بالجهات الجنوبية، بات ولد الرشيد هو “صانع الملوك” داخل حزب علال الفاسي، فهو من قاد الإنقلاب على حميد شباط، الأمين العام السابق للحزب وطرده من رأس نقابة الحزب ونحاه من زعامة الحزب وجعله يغادر المغرب غاضبا سنتين ظلا فيها “منفيا” في تركيا قبل أن يعود محاولا الترشح في مدينته فاس.
طيلة عقدين من الزمان تمكن حمدي ولد الرشيد من إحكام قبضته على جميع المناصب الأساسية في الصحراء، من خلال وضع أفراد من عائلته فيها، حتى صارت كل دواليب تدبير الشأن العام بالأقاليم الصحراوية الجنوبية هو من يختار الأشخاص ويوجههم وينصبهم من أسرته وعائلته وأصهاره وعشيرته.
وعلى الرغم من تحكم ولد الرشيد في كل مواقع القرار داخل مدينته، يعاب عليه أن أحياء كثيرة من المدينة التي شهدت في السنوات العشر الماضية تدقف ملايير الدراهم التي تم ضخها في استثمارات عمومية، ما تزال تعاني من نقص في الماء الشروب، وبنياتها التحتية الأساسية ضعيفة، ومستوصفاتها الصحية تفتقد لأبسط التجهيزات الطبية. كما أن الماء الشروب ما يزال يؤرق الساكنة. وهي متطلبات تعاتب عليها الساكنة المنتخبين والمسؤولين، وعلى رأسهم حمدي ولد الرشيد الذي تربع على عرش رئاسة جماعة العيون لولايتين انتخابيتين من دون أن يتحقق مطلب الأهالي الذي طال انتظاره.
ومما يعمق الجراح بالمنطقة، تراكم مشاكل تحفيظ العقار، ومشكل الطاقة، ومراكز تحلية الماء التي تزيد من معاناة ساكنة العيون إلى اليوم.
ويحاول ولد الرشيد العودة إلى الانتخابات الجماعية والتشريعية لاقتراع شتنبر 2021 بنفس جديد، حيث سيراهن على من يصفهم سكان المدينة الأصليين بـ “أصحاب الداخل”، أي المواطنين القادمين من مدن شمال المغرب، والذين يقدر عددهم بما يقارب 120 ألف ناخب، ليضمن تصويت على الأقل 70 ألف صوت لصالحه، كما حصل في الانتخابات السابقة ، فيما ظفر منافسوه آنذاك بحوالي 24 ألف صوت لغريمه محمد سالم الجماني و6000 صوت لمنافسه حسن الدرهم، فيما لم ينل العدالة والتنمية الذي رشح والد محمد علي الرزمة سوى 8000 صوت.
الجماني ند ولد الرشيد وغريمه
غاب محمد سالم الجماني عن الانتخابات الجماعية 2015 وشارك في الانتخابات البرلمانية لعام 2016 ليغير لونه السياسي نحو الأصالة والمعاصرة، حيث كان ندا قويا للاستقلالي حمدي ولد الرشيد.
وبرأي مراقبين تحدثوا لموقع “لكم”، فإن الطريقة التي يشتغل بها حمدي ولد الرشيد في الانتخابات وتحالفاته ومنهجية تدبيره لاقتناص مزيد من الأصوات وبسط نفوذه، تجعل حصول أي من منافسيه على المقعد الأول أمرا صعبا، لأن ولد الرشيد يشغل الناخبين في الجماعة الترابية التي يرأسها لسنوات، وفي شركات وينشىيء مقاولات تيسر استقطاب وحشد مزيد من الأصوات والمناصرين.
ويشغل الجماني عضوية المجلس الجماعي منذ التسعينات، وفي 2016 انتخب برلمانيا عن حزب الأصالة والمعاصرة.
ومما يراهن عليه الجماني، بركات الراحل الحسن الثاني، الذي منح للجماني الأب سعيد ولد خطري الجماني، ما تزال بركاته على أبناءه فصاروا من رجال الأعمال في الصحراء والمغرب، ولهم صيت وحظوة لدى الساكنة والقبائل، يتم استثمارها انتخابيا واقتصاديا في الصحراء وفي باقي مناطق المغرب.
الرزمة شاب صاعد للواجهة
من بين الشباب الصحراويين الذين ظهروا في الآونة الأخيرة، ويضعهم أعيان الصحراء في الحسابات السياسية، محمد الرزمة (41 عاما) الذي ينحدر من أسرة ولجت السياسة لسنوات، فكانت بداياته على المستوى المحلي في جماعة المرسى بحكم ترعرعه فيها وإقامة عدد من مشاريعه الاستثمارية بها، حيث ولج غمار الانتخابات الجماعية عام 2003 ونحج في الوصول إلى الأغلبية رفقة حسن الدرهم ليقود جماعة المرسى في مواجهة غريمه حمدي ولد الرشيد.
وبحكم العمل بجماعة المرسة وتوطين مشاريعه الاستثمارية، انطلقت رحلة الرزمة الانتخابية، حيث كسب ثقة المواطنين في دائرته ليكمل المسار داخل المجلس الجماعي لولاية جديدة صار معها نائبا أول للرئيس إلى حدود 2013.
وفي عام 2015 ترشح في الإنتخابات الجهوية كوكيل لائحة العيون ،ونجح في نيل عضوية مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، وحصد مقعدا بالغرفة الثانية للبرلمان (مجلس المستشارين).
هذا الموقع مكنه من القرب من دائرة القرار والسلطة، حيث تقلد منصب رئاسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس المستشارين، وعهدت إليه مهمة الترافع والحظوة ضمن ملفات القضية الوطنية الأولى “قضية الصحراء”، ويشغل مهمة رئيس اللجنة الصداقة المغربية اليابانية، كما شارك في حوار ملفات الفلاحة والصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي ولقاءات مع البرلمان البرازيلي، بحسب مقربين منه تحدثوا لموقع “لكم”.
غير أن محمد الرزمة غادر حزب التجمع الوطني للأحرار، وجمدت عضويته داخل المكتب السياسي للحزب وكمنسق جهوي لجهة العيون من قبل عزيز أخنوش، بعدما تم التفاوض معه على استقبال بعض الأشخاص داخل الحزب بجهة العيون، لكنه رفض، حسب ما نقله عنه مقربين منه.
وسيعود محمد الرزمة للانتخابات الجماعية والتشريعية في شتنبر 2021 للترشح باسم “الوردة” لقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
عن موقع لكم