أوردت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن تونس ازدادت قربا من الجزائر بعد توظيف “اللوبي المالي” لكسب الرئيس قيس سعيد، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها بسبب تداعيات الجائحة وانعكاسات الحرب الأوكرانية-الروسية.
وقالت المجلة الإخبارية، في مقال تحليلي، إن “ارتفاع أسعار الغاز بأوروبا جعل الجزائر (ثالث مورد للغاز الطبيعي إلى القارة العجوز بعد روسيا والنرويج) تتمتع بمكانة اقتصادية مهمة، منحت لها انبعاثا دبلوماسيا جديدا بالمنطقة”.
وأضافت أن “تونس كانت إحدى الدول التي استأثرت باهتمام قصر المرادية، حيث قرر الرئيس تبون قبل أشهر خلال زيارة قيس سعيد إلى الجزائر إعادة افتتاح الحدود البرية التي تم إغلاقها قبل عامين بسبب الأزمة الوبائية العالمية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد”.
وأفاد المنبر الإعلامي عينه بأن “الجزائر دعّمت السياحة التونسية المنكوبة، من خلال أعداد السياح الجزائريين الذين تدفقوا عليها في الصيف الماضي. كما قدمت لها أيضا تسهيلات مهمة للحصول على الغاز الطبيعي، من خلال شرائه بثمن منخفض”.
وتابعت المجلة الأمريكية بأن “الحرب الأوكرانية أعادت الجزائر إلى الواجهة، بالنظر إلى تزايد احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي؛ ما جعلها تضطلع بأدوار دبلوماسية جديدة في غرب البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي، اختيار التصعيد ضد المغرب في هذه الظرفية”.
وأشارت، في هذا السياق، إلى قرار الدولة الجزائرية بتوقيف إمدادات الغاز إلى المغرب”، معتبرة أن “تلك الجهود المالية هي التي دفعت تونس إلى الابتعاد عن المغرب، مقابل الارتماء في أحضان الجزائر التي اشترطت عليها استقبال قادة البوليساريو”.
وأبرزت مجلة “فورين بوليسي” أن “تونس تخلت عن حيادها التاريخي بخصوص نزاع الصحراء بعد تقربها من الجزائر، على حساب علاقاتها التاريخية مع المغرب”، لافتة إلى أن “الرباط تفاجأت من استقبال إبراهيم غالي بتونس، ما تسبب في أزمة دبلوماسية بينهما”.
وأوضحت المقالة أن “حساسية المغرب تجاه قضية الصحراء بدت مفاجئة للبعض؛ لكن الرباط أصبحت تعتبر قضية الصحراء هي المحدد الرئيسي للعلاقات الخارجية، وهو ما يفسر الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بينه وبين إسبانيا وألمانيا في وقت سابق”.
ذكر المصدر الإعلامي الأمريكي أن “محتجزي مخيمات تندوف يواجهون مصاعب اجتماعية واقتصادية كبيرة في خضم هذا الصراع السياسي بين المغرب والجزائر”، مشيرا إلى “أزمة الغذاء والماء بالمخيمات، ما يؤدي إلى حدوث وفيات في صفوف الصحراويين”.
وبناء على الموقف التونسي الأخير من نزاع الصحراء، أكدت المجلة الأمريكية أن “حقيقة استقبال تونس لزعيم جبهة البوليساريو يعني بأن هناك تحولا في النظام الإقليمي، حيث يتشكل محور جديد تتزعمه الجزائر، ويضم تونس، وذلك على حساب الصحراويين عن هيسبريس”.