في ظل التطورات الإدارية والتنموية التي يشهدها المغرب، تبرز قضية تجديد المناصب العليا في الإدارة الترابية كإحدى القضايا الملحة التي تستدعي الاهتمام.
فمنذ سنوات، يترقب العديد من الولاة والعمال الذين طال بقاؤهم في مناصبهم إجراء حركة تعيينات وتنقيلات في صفوفهم، وإحالة البعض منهم على التقاعد.
يروج في الأوساط الإدارية والسياسية قرب إجراء هذه الحركة، حيث ينتظر كبار رجال الإدارة الترابية أن يحمل اجتماع المجلس الوزاري المقبل، المتوقع عقده قريباً، قرارات هامة في هذا الصدد.
هذا الترقب بحسب جريدة الصباح يأتي في سياق تأخر كبير في إجراء حركة شاملة للتعيينات، باستثناء بعض التغييرات المحدودة التي شملت ولايات معينة مثل طنجة وأكادير والدار البيضاء والداخلة.
تجدر الإشارة إلى أن المبدأ الذي أوصى به الملك الراحل الحسن الثاني، والقاضي بتغيير المناصب الإدارية العليا كل أربع سنوات، لم يتم تطبيقه بشكل منتظم في حالة الولاة والعمال. فبينما نجد أن بعض الوزارات تلتزم بهذا المبدأ في إداراتها الخارجية، نلاحظ أن العديد من الولاة والعمال يبقون في مناصبهم لفترات تتجاوز بكثير الأربع سنوات المقررة.
هذا الوضع يثير تساؤلات عديدة حول أسباب الاحتفاظ ببعض المسؤولين في مناصبهم لفترات طويلة، رغم عدم تحقيق نتائج ملموسة في بعض الحالات. فهل يعود ذلك إلى اعتبارات خاصة، أم أن الوزارة الوصية ترى في استمرارهم ضماناً للاستقرار المهني؟
إن التغيير الدوري للمسؤولين الإداريين يحمل في طياته فوائد جمة للمرفق العمومي وللإدارة المغربية ككل. فالمسؤول الجديد عادة ما يأتي بحماس ورؤية جديدة، ويسعى لإثبات كفاءته وتحقيق إنجازات ملموسة. في المقابل، قد يؤدي طول مدة بقاء المسؤول في منصبه إلى نسج علاقات مصالح متشعبة يصعب تفكيكها مع مرور الوقت، مما قد يؤثر سلباً على أداء الإدارة وشفافيتها.
لذا، يبدو من الضروري أن تقوم وزارة الداخلية بتفعيل مبدأ تغيير الولاة والعمال بعد مرور أربع سنوات على تعيينهم، وأن تقطع مع أسلوب الإطالة في عمر المسؤولين الترابيين في مناصبهم لمدد زمنية طويلة. فهذا النهج قد يلحق أضراراً بمستقبل الولاية أو الإقليم، ويحد من فرص التجديد والإبداع في الإدارة.
إن الإبقاء على المسؤولين في مناصبهم لفترات طويلة قد يخلق لديهم انطباعاً بأن الحياة المهنية لا يمكن أن تستمر بدونهم، وهو ما يتنافى مع مبادئ الحكامة الجيدة والتدبير الرشيد للموارد البشرية.